نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٢

بان وجه تقديم التخصيص عليه تعيّن (١) وجه تقديم التصرف الدلالى

______________________________________________________

ـ السند كموافقته للكتاب او مخالفته للعامة ونحو ذلك ولعله خلط بينهما فان المقام لا بد فيه من مرجحات المعمولة فى الدلالة واما المرجح السندى فلا ينبغى استعماله فيه اذ اعمال تلك المرجحات انما يؤكد الظن بصدور العام وهو لا يؤثر فيما هو محل التعارض كيف ولو كان قطعيا ايضا لا يجدى لما عرفت من تخصيص الكتاب بالخبر الواحد ويوميك الى ذلك ملاحظة كلمات العلماء فى الفروع والاصول فانه لم يعهد منهم تقديم الرواية المشتملة على العموم على الخاص بواسطة اعدلية راويها الى غير ذلك من مراتب الترجيح وما ذكرنا من الوضوح بمكان والسر فى ذلك ـ ان العرف بعد اطلاعهم على ما فيه التنافى لا يلتفتون الى السند ما لم يعجزوا عن الدلالة وبعد عدم الالتفات الى السند لا معنى للتعويل على التراجيح المعمولة فى السند كما لا يخفى ومن هنا يظهر انه لا يصلح ذلك وجها فى دفع الاشكال المذكور فى الامر الواقع كما عساه يتوهم. وقال في الرسائل ج ٢ ص ٣٨٤ قد عرفت ان الرجحان بحسب الدلالة لا يزاحمه الرجحان بحسب الصدور وكذا لا يزاحمه هذا الرجحان اى الرجحان من حيث جهة الصدور فاذا كان الخبر الاقوى دلالة موافقا للعامة قدم على الاضعف المخالف لما عرفت من ان الترجيح بقوة الدلالة من الجمع المقبول الذى هو مقدم على الطرح والفرق بين هذا الترجيح والترجيح فى الدلالة المتقدم على الترجيح بالسند ان التعبد بصدور الخبرين على ان نعمل بظاهر احدهما وبتأويل الآخر بقرينة ذلك الظاهر ممكن غير موجب لطرح دليل او اصل بخلاف التعبد بصدورهما ثم حمل احدهما على التقية الذى هو فى معنى الغائه وترك التعبد به.

(١) قد يقال الصحيح بعين ، لكن فيه تعيّن ايضا يمكن تصحيحه.

٤٦١

على التقية والتورية وذلك (١) بتوهم (٢) ان فى مورد دوران الامر بين التصرف الدلالى مثل التخصيص مثلا مع التقية الامر (٣) يدور بين الحمل على التقية كى يطرح السند رأسا او الحمل على التخصيص مثلا كى يبقى مقدارا من الظهور الموجب للأخذ بالسند وبديهى (٤) انّ اصالة عدم

______________________________________________________

(١) والوجه فى تقديم التصرف الدلالى على الجهتى.

(٢) هو انه كما يتوهم ان فيما لو دار الامر بين التخصيص والتقية فان التخصيص تصرف دلالى وجمع عرفى فلا بد من رفع اليد عن حكم العام فى بعض الافراد والتقية تصرف فى جهة الصدور كما تقدمت الاشارة اليه.

(٣) ففى باب التقية رفع اليد عن الدليل من رأس وطرح السند واما التخصيص فيبقى بعض الظهور وهو ما عدا الخاص فيبقى السند ففى الفرض يدور الامر بين طرح السند او يبقى التعبد بالسند لمقدار من الظهور ولا ريب ان الثاني اولى.

(٤) فان اصالة عدم طرح السند يوجب تقديم التصرف الدلالى على الجهتى وقال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٥٧ اما فى مقام الدوران بين التصرف الدلالى والتقية فمع استلزام الاصل الجهتى لطرح الدلالة رأسا فظاهر من جهة لغوية التعبد بالجهة ح مع انتفاء اصل الدلالة واما مع عدم استلزامه لذلك وامكان الأخذ بالعام ولو ببعض مدلوله فبأنه وان كان يجرى الاصل الجهتى ويؤخذ بالعام مثلا في بعض مدلوله بلا كلام لكنه لا يتوقف هذا المقدار على ما ذكر من الترتيب والطولية بينهما من جهة وضوح كون الامر كذلك ولو على القول بالعرضية من جهة العلم التفصيلى ح بخروج مقدار من المدلول عن تحت الحجية سواء على تقدير التخصيص او التقية واما فيما عدا هذا المقدار من المدلول فحيثما لا تنافى بين الاصلين يؤخذ بهما فيترتب عليهما وجوب العمل على طبقه سواء فيه بين طولية ـ

٤٦٢

طرح السند مهما امكن مرجح التصرف الدلالى على الجهتى من مثل التقيّة وفى المقام ايضا يقال (١) بعد مضى زمان المنسوخ وخروجه عن محلّ الابتلاء (٢) لو حمل المتأخر على النسخ فمن (٣) حين وجوده لا يبقى مجال للاخذ بسند المنسوخ (٤) لا بالنسبة الى الزمان السابق لخروجه عن محل الابتلاء (٥) ولا بالنسبة الى الزمان اللاحق لغرض منسوخيته (٦)

______________________________________________________

ـ الاصلين او عرضيتهما هذا اذا كان الدوران بين التقية والتخصيص.

(١) وبمثل ما تقدم يقال فى المقام من انه يدور الامر بين النسخ والتخصيص فانه يستلزم الدوران بين ان يكون طرحا لدليل المتقدم كالعام من رأس او الاخذ بدليل المتقدم والمتأخر اى الخاص والعام معا بيان ذلك.

(٢) فانه على المفروض قد مضى زمان العمل بالمنسوخ وخرج عن محل الابتلاء كما لو ورد اكرم العلماء وبعد وروده صار فى محل الابتلاء ثم خرج عن محل الابتلاء وورد لا تكرم الفساق من العلماء.

(٣) وح لو حمل المتأخر مثلا لا تكرم الفساق من العلماء على النسخ اكرم العلماء وهو العام.

(٤) فمن حين ورود الدليل المتأخر كلا تكرم الفساق من العلماء لا مجال للأخذ بسند المنسوخ وهو اكرم العلماء اصلا.

(٥) اما بالنسبة الى ما قبل ورود الخاص وهو الدليل المتأخر والزمان السابق لورود لا تكرم الفساق من العلماء في مفروض المثال فواضح وذلك لخروجه عن محل الابتلاء على ما هو المفروض لانه بعد زمان الحاجة والخروج عن محل الابتلاء.

(٦) واما بالنسبة الى ما بعد ورود الخاص وهو لا تكرم الفساق من العلماء ـ

٤٦٣

وهذا بخلاف (١) ما لو حمل السابق على المخصّصيّة فانّه يبقى للتعبّد بسندهما مجال فعموم دليل التعبد (٢) بالسند فى المقام ايضا يقتضى الحمل على التخصيص لا النسخ اقول (٣) اولا (٤) ان هذا الكلام (٥)

______________________________________________________

ـ فالمفروض منسوخية العام وهو اكرم العلماء بالنسبة الى فساق العلماء فيلزم طرح سند المنسوخ على كل حال.

(١) وهذا بخلاف كونه تخصيصا فانه يشمل دليل التعبد بسند العام والخاص معا فان الخاص يرفع الحكم عن بعض افراد العام فيبقى التعبد بالسند بحاله ولو ان بعض افراد العام خارج عن حكمه فيكون كموت بعض الافراد على ما تقدم وقد تعبدنا بسند دليل الخاص ايضا وتوضيحه قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٢٢٨ بانا اذا راجعنا الى العقلاء نرى انهم ما دام يمكن الجمع بين الدليلين والعمل بهما لا يطرحون احدهما والتخصيص يكون فيه التعبد بصدور الخاص وصدور العام كلاهما والنسخ يكون التعبد بصدور الخاص من حين النسخ باطلا لانه بالنسبة الى ذلك الآن لا اثر له وبالنسبة الى ما مضى لا يكون منشأ الاثر فنلتزم بالتخصيص ليكون صدور الخاص والعام كلاهما محققا ويترتب عليه الاثر من جهة وجوب القضاء اذا لم يعمل على طبقه على النسخ وعدم وجوبه على التخصيص.

(٢) فعموم دليل التعبد بالسند يقتضى التعبد بكليهما وتقديم التخصيص على النسخ لان طرح سند العام بلا وجه ولا قرينة.

(٣) واورد على هذا الاستدلال المحقق الماتن بوجهين.

(٤) الوجه الأول.

(٥) ان هذا الكلام والاستدلال وهو انه يدور الامر بين طرح سند العام ان كان نسخا او التعبد بالسندين ان كان تخصيصا.

٤٦٤

انّما يتم فى الخاص المتأخر (١) لو قلنا بانه ناسخ للعام بعمومه واما لو قلنا (٢) بنسخه لحكم خصوص هذا الفرد فيبقى دليل السند للعام المنسوخ بالنسبة الى بقية افراده باقيا بحاله (٣) من دون فرق فى تلك الجهة بين ناسخيّة الخاص او المخصصيّة (٤). وثانيا (٥) على فرض تسليم ناسخيّة الخاص لتمام العام (٦) او فرض ناسخيّة العام المتأخر للخاص ايضا (٧)

______________________________________________________

(١) يختص بالخاص المتأخر والمفروض انه يكون ناسخا للعام بعمومه ولعل من ذلك الآية المباركة (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) تدل على عدم جواز نكاحهن مطلقا وقوله تعالى (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) تكون ناسخا لعموم الآية السابقة ولو تختص بالمتعة.

(٢) واما لو قلنا بان الخاص لو كان ناسخا فانّما يرفع حكم خصوص الفرد الذى رفع الخاص الحكم عنه وهو فى المثال لا تكرم الفساق من العلماء.

(٣) فلا محالة يبقى التعبد بالسند بالنسبة الى بقية الافراد وهى العدول من العلماء محفوظا.

(٤) فلا فرق ح فى ناسخية الخاص ومخصّصيته وانما الفارق على مسلك المحقق الماتن بين المقتضى للحكم الى زمان ورود الخاص لمصلحة ثم ورد المانع وعلى مسلك القوم ان امد الحكم الى زمان ورود الخاص هذا على النسخ وعلى التخصيص يرفع الحكم عن تلك الافراد من الأوّل.

(٥) والوجه الثانى.

(٦) انه لو فرض كون الخاص ناسخا للعام بعمومه كما ذكرنا له من المصداق لا انه ناسخ لحكم بعض الافراد.

(٧) او فرضنا كما هو الواقع انه يكون البحث فى صورتين إحداهما ان يكون ـ

٤٦٥

ما افيد صحيح (١) لو لم يكن للمنسوخ السابق اثر بلحاظ الزمان اللاحق كما لو فرض (٢) نسخ طهارة ماء توضؤ به سابقا اذ ح (٣) لا قصور لدليل المنسوخ ان يشمل فعلا بلحاظ الاثر المحلّ للابتلاء فعلا وح (٤)

______________________________________________________

ـ العام مقدما والخاص متأخرا وورد دليل الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام فيدور الامر بين كونه تخصيصا او نسخا وثانيتهما ان يرد الخاص اوّلا ثم ورد العام ودار العام بين كونه نسخا للخاص او الخاص تخصيصا وفى هذه الصورة يكون الاستدلال تاما يدور الامر بين طرح سند الخاص بان يكون المتأخر نسخا او التعبد بالسندين حتى يكون تخصيصا فعلى كلا الفرضين.

(١) ان الاستدلال ايضا لا يتم والوجه فى ذلك ان ما افيد صحيح لو لم يكن للمنسوخ السابق وهو الدليل المتقدم سواء كان عاما او خاصا اثر بلحاظ الزمان اللاحق بان كان نفس العمل المنسوخ فعلا مستتبعا للاثر وموضوعا للاثر في الزمان المتأخر بعد وجدان الدليل المتأخر.

(٢) ذكر مصداق لذلك المحقق العراقى وتوضيحه ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٢٢٩ مثل الماء الذى يكون محكوما بالطهارة وكان هذا الحكم من باب التقية ثم نسخ الحكم بالطهارة وكان الشخص متوضأ به فانه بعد ظهور النسخ يسقط حكم الطهارة ويبقى الحكم بالنجاسة فاثره وجوب القضاء للصلاة المأتية بها وتطهير ما لاقى هذا الماء ولا يكون لترتب هذه النتيجة على النسخ او ذاك على التخصيص ترجيح.

(٣) فحينئذ دليل التعبد بالسند يشمل المنسوخ بلحاظ هذا الاثر المحل للابتلاء فعلا المترتب عليه متأخرا بعد ورود دليل الناسخ.

(٤) وعلى هذا يكون عند النسخ ايضا التعبد بالسندين محققا ولا طرح لسند ـ

٤٦٦

لا يبقى مجال ترجيح التخصيص على النسخ بمناط ابقاء عموم دليل السند بالنسبة اليهما بحاله على المخصص دون النسخ والأولى (١) فى وجه الترجيح ان يقال انه بعد ما كان مرجع النسخ الى التصرف فى جهة الحكم كالتقية (٢)

______________________________________________________

ـ المنسوخ ولا ترجيح للتخصيص على النسخ لعدم التفاوت بينهما اصلا هذا.

(١) ثم ذكر وجهين لتقديم التخصيص على النسخ الوجه الاولى قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٢٢٧ وتوضيح كلامه يحتاج الى مقدمتين المقدمة الأولى ان المصلحة على ثلاثة انحاء فانها اما ان تكون على الواقع او على الابراز او على نفس الامر فان كانت فى الواقع بان تكون فى الاكرام مثلا فى قول القائل اكرم العلماء يكون الخاص مخصصا وان كانت فى الابراز يكون مثل التقية فى الحكم والمقدمة الثانية ان الكلام الصادر عن الموالى او الرواية الصادرة عن الأئمّة عليهم‌السلام يكون له جهات ثلاث الاولى التعبد بصدوره والثانية التعبد بجهته وهو عدم كون صدوره تقية والثالثة التعبد بدلالته والاولى مقدمة بالرتبة على الثانية ضرورة انه ما لم نتعبد بصدور الخبر لا وجه للبحث فى انه صدر تقية ولبيان الحكم ظاهرا او لا بل لبيان الحكم واقعا والجهة الثانية مقدمة على الجهة الثالثة بالرتبة لانه ما لم يحرز اصل الصدور وانه صدر لا لتقية لا تصل النوبة الى البحث عن دلالته فان صدر وكان لبيان الحكم واقعا نتكلم فى دلالته كما هو واضح وحال التقية فى الكلام حال البداء فى التكوينيات ولا يخفى ان كل الجهات يحرز ببناء العقلاء وهم حكام فيها ونعم ما قال.

(٢) والمقدمة الثالثة هى ما اشار اليه المحقق الماتن من ان النسخ تصرف فى جهة الحكم من خفاء المانع ثم ابرازه كالتقية لا الصدور والسند قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٢٢٩ فعلى هذا اذا قدم اصالة الصدور والتعبد به فى الخاص ـ

٤٦٧

ان النوبة انما ينتهى الى هذا التصرف فى ظرف احراز الجد بالمراد (١) ومن المعلوم (٢) ان التصرف الدلالى (٣) موجب لشرح المراد على خلاف الظهور بملاحظة اجراء حكم القرينة على ما هو اقوى ظهور او ح لا يبقى مجال للتصرف الجهتى لعدم وجود موضوعه ومرجع ذلك الى حكومة الجمع والتصرف الدلالى على التصرف الجهتى (٤) ولنا ايضا بيان آخر فى

______________________________________________________

ـ لا يبقى مكان لجريان اصالة التعبد بالجهة لانه قبل هذه الرتبة جرى الاصل فى الصدور من باب ان ملاحظة الجهة تكون بعد ملاحظة ان ما تحت اللفظ يكون مرادا جدّيا.

(١) ضرورة انه لو لم تكن الارادة الاستعمالية مطابقة للارادة الجدية لا وجه للقول بانه صدر تقية او لا حتى يقال باصالة الجهة لعدم الفائدة فيها.

(٢) فعلى هذا اى عند احراز الارادة الجدية يكون التخصيص مقدما على النسخ الذى يكون من باب التعبد بالجهة.

(٣) لان الخاص قبل ان تصل النوبة الى هذه المرتبة يصير بيانا للعام وشارحا له فتم أوزار الدلالة والظهور فان اصالة عموم العام وكونه صادر البيان الحكم الواقعى او لكون المصلحة فى الابراز صار سببا لدوران الامر بين النسخ والتخصيص وحيث اثبتا قبل الجهة ان ظهور العام يكون فى ما بقى بعد صدور الخاص وضمه اليه لا تصل النوبة الى جهة الصدور لا يقال ان الخاص المؤخر يمكن ان يكون شارحا للعام المقدم ويصح هذا الكلام فيه واما الخاص المقدم لا يكون شارحا لأنّا نقول لا فرق فى الشارحية بين المقدم والمؤخر فانه بضم احد الدليلين الى الآخر نستفيد ما ذكر.

(٤) فالنتيجة هو حكومة الجمع الدلالى على التصرف الجهتى لشارحية ـ

٤٦٨

وجه التقدم (١) وهو انّ اصالة الظهور انما يجرى فى الظهورات الصادرة لبيان الحكم الحقيقى الواقعى فالاصول (٢) الجهتية منقّح موضوع الاصول اللفظية ولازمه (٣) تقدم الاصول الجهتية على اللفظية رتبة وح (٤)

______________________________________________________

ـ الخاص للعام على كل حال.

(١) هذا هو الوجه الثانى لتقديم التخصيص على النسخ قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٥٥ وقد يقرب وجه تقديم التخصيص على النسخ بما قرب فى وجه تقديم اصالة السند والجهة على اصالة الظهور والدلالة من دعوى ان الاصل الجارى فى السند كما كان فى رتبة سابقة على اصالة التعبد بالظهور لكونها منقحة موضوعها كذلك الاصل الجارى في الجهة ايضا بلحاظ ان موضوع الجهة فى الظهور هو الكلام الصادر عن المعصوم عليه‌السلام عن داعى الجد لبيان حكم الله الواقعى لا للتقية ونحوها وانه لو لا احراز اصل صدور الكلام عن الامام عليه‌السلام واحراز جهة صدوره وكونه لبيان الحكم الواقعى لا ينتهى النوبة الى مقام التعبد بظهوره ودلالته.

(٢) فبذلك يكون اصالة التعبد بالصدور والجهة فى رتبة سابقة على اصالة التعبد بالظهور والدلالة لكونهما منقحى موضوعها باعتبار كون الاول مثبتا لاصل الموضوع وهو كون الكلام صادرا عن الامام عليه‌السلام والثانى لكيفية صدوره وكونه لبيان الحكم الواقعى لا للتقية ونحوها.

(٣) وعليه فعند الدوران بين التصرف الدلالى والتصرف الجهتى يقدم الاصل الجهتى على الاصل الدلالى من جهة تقدمه عليه رتبة فى المشمولية لدليل الاعتبار.

(٤) وبذلك يقال فى المقام ايضا بان النسخ بعد ان كان سنخه من باب التقية الراجع الى التصرف فى الجهة لا من باب التخصيص فى الازمان الراجع الى ـ

٤٦٩

لا يصلح الاصول اللفظية للمعارضة مع الاصل الجهتى فلا مجال (١) لرفع اليد عن الجهة (٢) باجراء الاصول اللفظية وابقاء حجية الظهور بحاله كيف (٣) ولا ينتهى النوبة الى اصالة الظهور بلا جهة وعلة فالاصول الجهتية جارية فى رتبة نفسها بلا معارض وبعد (٤) جريانها ينتهى الامر

______________________________________________________

ـ التصرف الدلالى فمع الدوران فى العام بين كونه منسوخا بالخاص المتأخر او مخصصا به ـ اى لا يصلح للمعارضة بين الاصل اللفظى والجهتى ـ.

(١) يقدم الاصل الجارى فى جهته على الاصل الجارى فى ظهوره ودلالته.

(٢) اى عن جد.

(٣) من جهة جريان اصالة الجهة فيه ح فى الرتبة السابقة بلا مزاحم.

(٤) ومعه لا بد من رفع اليد عن ظهوره ودلالته فى العموم بمقتضى ما فى القبال من الخاص الاظهر من غير فرق فى ذلك بين ظهور الخاص فى ثبوت حكمه على فرض المخصصية من بدو الشريعة او عدم ظهوره فيه بل ظهوره فى ثبوت حكمه فى زمان صدوره وان كان على الاخير لا ثمرة عملية في البين من جهة القطع بحجية العام على كل تقدير الى زمان صدور الخاص ولزوم الأخذ بالخاص من حينه ورفع اليد عن العام على كل تقدير ايضا سواء على الناسخية او المخصّصية هذا. ولكن قد يورد على هذا التقريب بعدم اجداء هذا المقدار من الترتب والطولية لتقديم الاصل الجهتى على الاصل الدلالى عند الدوران بدعوى انه كما لا مجال للتعبد بظهور الكلام بدون احراز اصل صدوره وجهته كذلك لا مجال ايضا للتعبد بسنده وجهته مع عدم ظهوره واجماله حيث لا يترتب عليهما اثر عملى فى البين حتى يجرى فيهما اصالة التعبد بل وانما ترتبه على ظهور الكلام الصادر عن الامام عليه‌السلام لاجل بيان الحكم الواقعى وعلى ذلك فكان كل من السند والجهة والدلالة مما له الدخل في ـ

٤٧٠

الى الاصل الدلالى فيؤخذ به لو لا وجود ما هو اقوى دلالة عليه كما لا يخفى وبذين التقريبين (١) ايضا يلتزم فى وجه تقدم التصرف الدلالى على التقيّة لا بصرف ابقاء التعبّد بسندهما فى التصرف الدلالى دون

______________________________________________________

ـ ترتب الاثر على الخبر فى عرض واحد فقهرا لا يبقى مجال تقديم احدها على الآخر فى المشمولية لدليل الاعتبار بمحض تقدمها الطبعى.

ولكن يمكن دفع ذلك بان الامر وان كان كما ذكر من احتياج كل من التعبد بالسند والجهة والدلالة فى الجريان الى جريان التعبد بالآخر ولكن نقول بان ذلك غير قادح فى تقدم الاصل الجهتى على اصالة الظهور بعد اختلاف نحوى التوقف والاحتياج فيهما وكون التوقف والاحتياج فى بعضها من جهة عدم احراز الموضوع وفى البعض الآخر من جهة عدم الاثر ولغوية التعبد بدونه حيث ان من المعلوم ح ان الاصل الجهتى لكونه منقح موضوع الاصل الدلالى وفى رتبة سابقه عليه مقدم لا محالة على الاصل الدلالى فى مقام الدوران فى المشمولية لدليل الاعتبار فلا بد ح من رفع اليد عن اصالة الظهور والدلالة وذلك ايضا ينطبق على ما عليه ديدن الاصحاب من تقديم التصرف الدلالى على التصرف الجهتى ولو بنحو التقية مع كثرتها وشيوعها فى زمن الأئمّة عليهم‌السلام وعليه فحيث ان باب النسخ كان من سنخ التورية والتقية فى كونه من قبيل التصرف فى الجهة لا من قبيل التصرف فى الدلالة فعند الدوران بين كون الخاص مخصصا للعام او ناسخا له يقدم التخصيص على النسخ ويحكم بكونه مخصصا له لا ناسخا هذا.

(١) ثم ذكر المحقق الماتن ان بهذين التقريبين اى الوجهين الاخيرين نلتزم بتقديم التصرف الدلالى وهو التخصيص على النسخ.

٤٧١

التقية (١) كيف (٢) وهذا الوجه ايضا غير جار فى مورد يكون التقية فى عموم الحكم لفرد لا الحكم العام اذ ح (٣) لاخذ دليل العام فى الافراد الخارجة عن صورة التقيد (٤) مجال كما لا يخفى فتدبر (٥).

______________________________________________________

(١) لا بالتقريب المتقدم من انه يدور الامر بين التعبد بسند الدليلين فى التخصيص وبين طرح سند المتقدم منهما فى النسخ فلا يرجع الى التعبد بالسند اصلا.

(٢) وقد عرفت الاشكال عليه وانّه يجرى فيما لو كان تخصيص بعض الافراد وكانت الجهة والتقية فى حكم بعض الافراد لا الحكم العام بتمام عمومه.

(٣) ففى ذلك يكون الأخذ بالعام ويشمل دليل التعبد بسند العام بالنسبة الى الافراد غير الخارجة عن تحته ويكون عليه التخصيص والعام بطراز واحد وقد تقدم مفصلا.

(٤) ربما يتخيل الصحيح التقية ولكن التقيد صحيح فان العام خرج عنه حكما بعض الافراد بالتقيد والتخصيص كما عرفت.

(٥) قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٥٧ واما اذا كان الدور ان بين النسخ والتخصيص كما فى المقام فان كان الخاص مقدما على العام وقد احتمل فيه كونه مخصصا للعام او منسوخا به ففى ذلك يقع التعارض بين الاصل الجهتى فى الخاص المقدم وبين الاصل الدلالى فى العام المتأخر وحيث انه لا يكون لاحدهما تقدم رتبى على الآخر كما فى فرض اعتبارهما فى دليل واحد فلا جرم ينتهى الامر فيهما بعد المعارضة الى التساقط وفى مثله يكون المرجع هو استصحاب حكم الخاص واما ان كان الخاص متأخرا عن العام فان كان ذلك قبل حضور وقت العمل بالعام فلا ثمرة تترتب على كونه ناسخا او مخصصا من جهة انه على كل تقدير يكون العمل على طبق الخاص المتأخر من حين صدوره واما اذا كان صدوره بعد حضور وقت العمل بالعام بمدّة فتارة لا يكون له ظهور فى ثبوت مدلوله من الاول ـ

٤٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ من حين ورود العام واخرى كان له هذا الظهور فعلى الاول فلا دور ان فى البين بين الاصلين اذ كما انه يجرى فيه الاصل الجهتى كذلك يجرى فيه الاصل الدلالى ايضا الى حين ورود الخاص ومعه يكون المتبع هو اصالة العموم الى حين ورود الخاص ومن حين ورود الخاص يكون العمل على طبق الخاص المتأخر سواء كان ناسخا او مخصصا واما على الثانى من فرض اقتضاء الخاص المتأخر على تقدير كونه مخصصا ولو من جهة اطلاقه لثبوت حكمه من حين ورود العام كما كان ذلك شأن اغلب الخصوصات ففى مثله وان دار الامر بين التصرف فى ظهور العام وبين التصرف فى جهته وكان يثمر ايضا فيما قبل ورود الخاص من الازمنة المتقدمة من جهة القضاء والكفارة لو كان الواجب مما يترتب على تركه ذلك الّا ان طرف المعارضة بدوا لما كان هو اطلاق الخاص المتأخر فى ثبوت مفاده من اول الامر من جهة منافاته بالضرورة مع قضيّة ظهور العام فى العموم فلا جرم ينتهى الامر فيهما الى التساقط ومع سقوط اصل الظهور فى العام عن الحجية فى العموم يجرى عليه قهرا حكم التخصيص ولكن الذى يسهل الخطب عدم ترتب اثر عملى على مثل هذا الفرض بالنسبة الينا بعد تأخر زماننا عن زمان العام والخاص من جهة وضوح انه على كل تقدير كان الواجب علينا الاخذ بالخاص والعمل على طبقه ناسخا كان او مخصصا نعم فى الخاص المتقدم كان له ثمرة مهمة من حيث كونه مخصّصا للعام المتأخر او منسوخا به ولكنك عرفت فيه ايضا ان اللازم فيه هو الرجوع الى استصحاب حكم الخاص من جهة معارضة الاصل الجهتى فى الخاص ح مع الاصل الدلالى فى العام المتأخر وتساقطهما فتدبر. ولا بأس به هذا تمام الكلام فى العام والخاص والحمد لله رب العالمين.

٤٧٣

المقصد الخامس

في المطلق والمقيد

ويليه

المجمل والمبين

٤٧٤

مقالة فى المطلق والمقيد (١) وعرف المطلق بما دل على معنى شايع فى جنسه (٢) والظاهر ان المراد من الجنس (٣) ليس الجنس بمصطلح المنطقيين كيف واطلاق المطلق على النوع (٤) والصنف (٥) بل الاشخاص (٦)

______________________________________________________

في المطلق والمقيد

(١) وتحقيق الكلام فيهما يكون فى ضمن نماذج. نموذج الاول فى تعريف المطلق والمقيد ومصاديقه ويكون ذلك فى ضمن امور.

(٢) الامر الاول قال المحقق القمي في القوانين ج ١ ص ٣٢١ المطلق على ما عرفه اكثر الاصوليّين هو ما دل على شايع فى جنسه اى على حصة محتملة الصدق على حصص كثيرة مندرجة تحت جنس ذلك الحصة وهو المفهوم الكلى الذى يصدق على هذه الحصة وغيرها من الحصص وعرفوا المقيد لا على شايع فى جنسه.

(٣) الامر الثاني في المراد من الجنس قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٥٩ والظاهر ان المراد من الجنس فى المقام هو السنخ لا الجنس المصطلح عند المنطقيين اى الكلى المقول على كثيرين مختلفين فى الحقيقة فى جواب ما هو قبال النوع ولا ما هو المصطلح منه عند النحويين اى الماهيات الكلّية المقصورة باسامي الاجناس.

(٤) اى النوع هو الكلى الذى عين حقيقة افراده المتفقة الحقيقة الواقع فى جواب ما هو كالانسان.

(٥) اى الصنف هو الكلى الذى متحقق فى ضمن جملة افراد نوع واحد وخارج عن حقيقته كالرومية والزنجية ـ.

(٦) اى الشخص هو الجزئى غير القابل للصدق على كثيرين كزيد.

٤٧٥

بلحاظ الحالات كالنار على المنار (١) بل المراد (٢) من الجنس فى المقام مطلق ما كان سنخ الشيء المحفوظ فى ضمن قيود طارية على الشيء من دون فرق بين كون السنخ المزبور موجودة فى ضمن وجودات متعدّدة او فى وجود واحد محفوظ فى طىّ الحالات المتبادلة (٣)

______________________________________________________

(١) كيف وان من المعلوم صحة اطلاقه على الافراد المعينة الشخصية بلحاظ الحالات الطارية عليها كما فى زيد حيث انه مع شخصيته يكون مطلقا بلحاظ حال القيام والقعود والمجيء وغيرها من الحالات.

(٢) فكان ذلك ح شاهدا على ان المراد من الجنس المأخوذ فى تعريفه هو مطلق السنخ ـ اى سنخ ما كان اللفظ موضوعا له ـ.

(٣) الصادق على الذوات الشخصية الخارجية ولو بلحاظ تحليل الذوات الشخصية الى حصص سارية فى ضمن الحالات المتبادلة وعلى الحصص السارية في ضمن افراد الطبيعى كالحيوان والانسان مثلا غير ان الفرق بينهما هو استقلال كل حصة من حصص الطبيعى فى عالم الوجود بخلافه فى الحصص السارية من الذوات الشخصية بلحاظ الحالات المتبادلة حيث انها موجودات بوجود واحد ومجتمعات تحت حد واحد فى الخارج ولا يكون التعدد فيها الّا بحسب التحليل ـ اى التحليل الذهنى بحسب الحالات المتبادلة والازمنة المختلفة على وجه يرى العقل قابليته لتقطيعه الى حصة وحصة واقعا كل منها معروضا لحال خاص فى زمان لا يكون مثل هذه الحصة معروضا لغيره بل المعروض له هى الحصة الاخرى ـ ولكن مجرد هذا المقدار من الفرق ـ اى فى عالم الوجود او بحسب التحليل ـ لا يضر بما هو المطلوب من شمول تعريف المطلق لمثله كما لا يخفى فكان المراد من المطلق ح فى المقام ما هو المعبر عنه بالفارسية ب (رهاى در مقام انطباق) الغير ـ

٤٧٦

ومن ذلك (١) ظهر ان الجنس فى المقام ليس ايضا بمصطلح النحويين المعبّر عنه باسم الجنس او علمه المخصوص بالكليات الصادقة على الكثيرين كما هو ظاهر (٢).

ثم المراد من الشياع المأخوذ فى تعريف المطلق (٣)

______________________________________________________

ـ الممنوع عن الصدق على ما هو من سنخه فى قبال المقيّد المعبّر عنه بالفارسيّة ب (بسته در مقام انطباق) الممنوع عن الصدق على هو من سنخه فان تقيّد الشيء ببعض القيود كتقيّد زيد بالقيام يمنع عن شيوع الحصة المحفوظة فى ضمنه بالنسبة الى ما كان من سنخه من بقيّة الحصص.

(١) ـ اى كون المراد من الجنس سنخ ما كان اللفظ موضوعا له والسنخ هى الحصة المحفوظة فى جميع الحصص والافراد والقدر المشترك بينها وهو الذى جعله تحت عنوان واحد فالمطلق ما لا يمنع عن صدقه لسنخه كالرقبة فتصدق على جميع حصصها بخلاف المقيد ـ.

(٢) ومن ذلك لا يصدق زيد القائم بلحاظ توصيفه بالقيام على زيد القاعد وان كان هو ايضا مطلقا باعتبار ما فى ضمنه من الحصص بلحاظ الحالات المتبادلة الطارية كالضحك والتكلم والكتابة وغيرها وهو واضح. وبالجملة ان مصب الاطلاق فى الفقه اعم من الطبائع والاعلام الشخصية وتجد الثانى فى ابواب الفقه كثيرا كالحج من الطواف بالبيت واستلام الحجر والوقوف بمنى والمشعر قال الله تبارك وتعالى (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) هذا من جهة الموضوع وكذا مصب اطلاق الحكم يكون اعم.

(٣) الامر الثالث فى المراد من الشياع قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٦٠ واما الشياع.

٤٧٧

تارة (١) بمعنى قابليته للانطباق بتمام معناه على القليل والكثير وعلى القطرة والبحر وبهذا المعنى (٢) يراد (٣) ما هو المأخوذ في طىّ غالب الاوامر ولازمه (٤) انطباق تمام المعنى باوّل وجوده الموجب لسقوط امره.

______________________________________________________

(١) فالمراد به تارة ـ قابلية الطبيعى للانطباق على القليل والكثير انطباقا عرضيا ـ اى فى قبال الطبيعة المضيقة المعبر عنها بالحصة المخصوصة الغير القابلة للانطباق على غيرها ـ.

(٢) اى ان هذا النحو من الشياع الذى هو من لوازم ملاحظة الطبيعة عارية عن جميع الحيثيات عند تعلق حكمها بها حتى عن حيث تجردها الذهنى اذ مثلها ح يكون موضوع حكم العقل بانه يصدق على القليل والكثير فطبيعة الماء غير الملحوظة معها ايّة حيثية من الحيثيات واية حالة من الحالات المتبادلة فلا محالة يصدق على القليل والكثير وعلى القطرة والبحر وعلى الحلو والمالح وعلى النظيف والكثيف.

(٣) يطلق غالبا على المواد المأخوذة فى طى كثير من الاوامر ـ اى العبادات كالصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس ونحو ذلك ـ.

(٤) اى من لوازمه الاجتزاء باول وجود من وجوداتها فى مقام امتثال الطلب على وجه يسقط الطلب بصرف ايجادها فى الخارج بفرد واحد لانطباق تمام ما هو الموضوع عليه ولذا يعبر عنه بالماهية على نحو صرف الوجود المنطبق على اول الوجود ولا يفرق فى ذلك بين الاعلام الشخصية وغيرها فيكون المراد الذات المعراة عن جميع الحيثيات التى هى الجهة المشتركة بين جميع انحاء حصصه مع اية منها ولازمه كونه صادقا مع تحققها باى نحو من الحالات المتضادة كالصحة والمرض ومقتضاه الاجتزاء باى نحو تحقق ـ.

٤٧٨

وتارة (١) يراد منه الشائع بمعنى السريان فى ضمن افراد متعددة الملازم لعدم انطباق تمام المعنى على القليل بل لا ينطبق الّا على الكثير (٢) قبال المعنى (٣) السابق ولازمه (٤) تعدّد الامتثال فيه وعدم سقوط التكليف باوّل وجوده وبهذا المعنى يراد الطبيعة المأخوذة فى طىّ بعض الأوامر وكثير من النواهى وغالب الاحكام الوضعية كاحل الله البيع وامثاله (٥)

______________________________________________________

(١) واخرى هو سريان الطبيعة فى ضمن جميع الافراد وهو المعبر عنه فى اصطلاح بعضهم بالعموم السريانى.

(٢) حيث انه وان كان نحو ضيق فى الطبيعة ح باعتبار عدم الانطباق الّا على الكثير الّا انه من جهة لحاظ سريانها فى ضمن الافراد كان له اطلاق فى قبال المقيد بقيد خاص غير قابل للانطباق الّا على المقيد.

(٣) والمطلق بهذا المعنى ـ اى المعنى الاول ـ اوسع دائرة من المطلق بمعنى السريان من جهة عدم اعتبار تقيّده بشيء من الخصوصيّات حتى خصوصية السريان فكان من جهة ارساله وعدم تقيّده بشيء من الخصوصيات الوجودية والعدمية مجامعا مع كل خصوصية ونقيضها وقابلا للانطباق على القليل والكثير.

(٤) اى لازم المعنى الثانى من سريان الطبيعة فى كل فرد على وجه يطابق مفاده فى استيعاب الافراد مفاد العموم الاستغراقى وان اختلفا فى الدلالة على شمول الحكم لكل فرد من حيث الخصوصية اذ فى الطبيعة السارية المعبر عنها بالعموم السريانى لا تكون الافراد من حيث الخصوصيات الفردية مشمولة للحكم بل الحكم سار فى كل فرد من حيث كونه مصداقا للطبيعة ومن المعلوم ان من لوازم هذا المعنى عدم سقوط الطلب باتيان فرد منه بل هو باق بالنسبة الى بقية الافراد.

(٥) والمطلق ـ اى بالعموم السريانى ـ يطلق غالبا على المواد المأخوذة في ـ

٤٧٩

ومن المعلوم (١)

______________________________________________________

ـ النواهى النفسية كقوله لا تشرب الخمر وفى طى الاحكام الوضعية كقوله أحل الله البيع ونحوه وبعض الاوامر ايضا لعله كذلك كما فى الامر بطبيعة الامساك عن المفطرات فى الصوم الذى لا يحصل الامتثال ولا يسقط التكليف الّا بتكثر الامساك فى جميع الآنات من اول طلوع الفجر الى الغروب فالمأمور به لا يحصل بصرف الوجود والامتثال لا يحصل الّا بتعدد الوجود ويجرى ذلك فى الاعلام الشخصية يراد منه الذات السارية مع اى حصص من حصصها بحيث ان لازمه كون المطلوب وجوده السارى مع اية حالة على نحو يكون المطلوب وجوده بما هو وجود زيد لا بما هو دون حالة بهذا التقييد غاية الامر التعبير بمثل هذه الحالات انما هو من شأن الاشارة بمثلها الى الحصة المعروضة وفى الحقيقة مرجع التعميم من حيث الحالات الى التعميم من حيث الحصص المعروضة والّا فنفس الحالات اجنبية عن الحكم رأسا.

(١) ثم اشار المحقق الماتن الى عدم وجود جامع بينهما قال استادنا الآملي فى المنتهى ص ٢٨٤ وحيث اتضح لك ظهر لك ان الشياع بالمعنى الاول والثانى انما نشأ من قبل كيفية اعتبار الطبيعة فى الذهن باطوار مختلفة بلا وجود مفهوم ثالث يجمع الفردين الّا مفهوم الشياع المنتزع بتعقل ثانوى عن انحاء اعتبارات الطبيعة ذهنا ومثله يكون من المعقولات الثانوية والكليات العقلية الغير القابلة للانطباق على الخارجيات مما ينطبق عليه معروض هذا الشياع وهو نفس الطبيعى المعتبر فى الذهن باحد الاعتبارين كما ان عنوان ضيق الطبيعة المانع عن الانطباق على الكثيرين ايضا من المعقولات الثانوية الغير القابلة للانطباق على الحصة الخارجية بل ما ينطبق عليها هو المعروض له بذاته. اى الامور المنتزعة عقلا عن الشيء فى الرتبة اللاحقة عن الجعل والخطاب ولا تكون فى الرتبة السابقة متعلقا للجعل ـ.

٤٨٠